الأحد، 28 أغسطس 2011

مبيريك التبيناوي - قصيدة مقتل الشيوخ

كان مقتل هذلول الشويهري هو المحرض الأول للقائد الفارس هايس القعيط على غزو عنزة قادما من الجزيرة حيث أن هذلول الشويهر قبل أن يقتله عقاب العواجي طلب منه أن يصلي وينخى . نخى هذلول كل من هايس وزوبع وبقية أفراد شمر إلى أن نخى أصحاب الصوت التالي عبدة . كان عدد فرسان هايس القعيط 47 فارس من زوبع وانضم معهم كل من مفيز العفر ومشاري الشقاق من المفضل ودوشق ابن سنيدان من الجري وهم تكملة الخمسين فارسا وحدثت المعركة وقتل الشيوخ الثلاثة من العبدات الثلاثة وأطلق عليهم هايس في ذلك اليوم حظ العبدات من شمر وتمكن القائد الفذ هايس والقدورات من الشيخ مزعل العواجي وقتلوه .



عندما علم مبيريك بخروج القائد هايس القعيط على رأس مجموعة من الفرسان قال قصيدته التي يطلق عليها (النذارة ) :


قــــال الــلــذي مـاقـالـهـا مسـتـعـيـره     =  نجرٍ براس مبولذن من حجر هيف
سـبـحــان رب ٍ كــــل يـــــوم يــديـــره  = مظهر حلاوي ميرها من ورى الليف
ياعـقـاب عقـبـان المنـيـصـب كـثـيـره   = أولهـن الـلـي ضـربـك مــع زليغـيـف
جــاك العـقـاب الـلـي جــواد ٍ نـحـيـره  = مـعـــه رجـــال ٍ وردوك  الميـاهـيـف
يـاعـقـاب بـــدل ديـرتــك لـــك بـديــره = كـب الضعـن ياعقاب مابـه مصاريـف
جنك حــرار ٍ مــن طيور الـجـزيـره    = طيورٍ لياراجت على الشيـخ ماشيـف
الـلـي كسـايـرهـن ســـواة السـعـيـره   = وإلا سـنـاء نــار ٍ حـدتـه العواصـيـف
بأيمـانـهـم تــــات الـجـنـايـب كـثـيــره  = ويامـا بكـت مـن فعلهـم خـرد ٍ عـيـف


 
 

وبعد نهاية المعركة وانتصار شمر أنشد مبيريك التبيناوي قصيدته الشهيرة :

 حنا طلبتن عند رب الـسموات
عينه تراعي باذر زارعينه  
آيـات خمسينن تعشيهم الـشـاة
من زوبع وضياغم ٍ خـالطينه
لميتين خيال ٍ وخيل ٍ مـريحـات
وجيش ٍ يعزل من وراهم كمينه
ردوا عليهم شمر ٍعقب الإقـفـات
 وغدو بصياد الحباري بحـينـه
من زوبع ٍ وإلا السناعيس الآفـات
 ذهيب ماعوّد على مـرتجـينـه
ضياغم ٍ مـاسـايلوا عنه لومـات
ولا صفحو عن واحد ٍ طـالبينه
بأيمـانهم مثل المحوص المـسدات
والريش من فوق الغلّب مردفينه
طريحهم باالكون مابه مـراوات
ياكلن حثات البراثن وتـيـنـه
فـوّات قبل مدورين الـجـمالات
ياليت عقال العرب حـاضرينه
من طاح خلف قطيّهن بالهوى مـات
وعشاك ياذيب ٍ بالأبرق سمينـه
شـله مفيز ٍ شـلة الذيب للشاة
وخلاه للي يسـتغـله بدينـه
وحجاب يامـا قال بالبيت قم هات
عزي لكم يالابتن فاقـدينـه
ومزعل حوالي هايس والـقدورات
وأظنهم بمشورب ٍ متهمينـه
هذي سوايـا هايس ٍ بالمثارا ت
صاحوا جزاء ماصاحت أم ٍ جنينه
والمرتعد شوق الطموح المخلات
خذاه من دوشق بشلفاء سنينه
برماح ياما سـفرّن يـم الأموات
 تروه بدف وريك يادايـرينـه
بالعون عقب عقاب هـدم ٍ للأبيات
 ولو صيحن نسوانهم عـاذرينه
خليت زينين الميـاحـا والإرات
وينام سعدون ٍ على سهر عينـه
نوت ٍ لياصاحت وزجت له أصوات 
 هيفاء تراه العام لجت قطينـه
على شـجـاع ٍ راح منا للأموات
منيع إبن نوبان هم خابرينـه
هذي قروض ٍ بيننا ياالـقـرابـات 
 ياحلو رداد الجزاء قبل حينـه





قصيدة سعدون العواجي على لسان فريح ولد عقاب العواجي بعد مقتل الشيوخ:
لا وآهني من شاف فلحاء ثنيه
وقم الرباع معسكره باالمسامير

أبي عليها السربة الشمريه
أدور أبويه عند روس الخواوير

إن ماذبحت مفيز وإلا خويه
مشاري اللي كدر البال تكدير

نبي على هايس نقود السريه
أودوشق القاطع بعيد المسابير

هايس غزانا سايقته الحميه
قاد السباياء مثل أفام الخنازير

من نقرة الخابور وأرض الحويه
جونا لهذلول الشويهر مداوير

راحوا بأبوي عقاب زبن الونيه
ذيب السرب ياركزّن الطوابير

إن ماخذيت الثار والشمس حيه
يحرم على عشق البنات الغنادير



رد عليه مبيريك التبيناوي:

يااللي تمنى شوف فلحاء ثنيه
تشاوحنه مبعدات المشاوير

يافريح قالو لي غياها رديه
قالولي امه من قصار التشابير

لاتجدعك فلحاء بحوض المنيه
ردية ماتنهضك بالمصادير

يجيك شوق الطفلة الغشمريه
تصير كالخرنق بوجه الصقاقير

قبل يكزونك تعداء يديه
تجدع على نابي طوال الجثامير

أبوك ضرب بحربة شوشليه
شله مفيز شلة الدلو باالبير

وعمك حجاب جاه عطب الهويه
شله مشاري يوم قفن مدابير

وحسن وقع بين السباياء ضحيه
من إبن سنيدان عريب المواكير

أبطال هدوا بالعزوم القويه
خيالة الصوت المتلي مغاوير

ومزعل غدى مابين شيخ السريه
مابين هايس والقدورات يادير

سوالفن ماهي عليكم خفيه
إلزم صدوق الهرج من دون تزوير





السبت، 27 أغسطس 2011

مبيريك التبيناوي - رد على قصيدة عقاب العواجي

مبيريك التبيناوي - رد على قصيدة عقاب العواجي بعد معركة قمعة


يقول عقاب العواجي:
ياعيال ياللي جالسيـنـن على كـيـف
يامن يـبـاصـرني بحالي من العام
حالي كما عودن برتها النحـاحيف
والا كسير العرش من خلـف الاقدام
صبري قضى ياحيف ياحيف ياحيف
واقصد بها منكم دهـيـثــم ولـزام
الـعـام يـالـزام نـرعى مـن الريـف
واليـوم يالـزام فـي حـكم الاروام
نصبر ولو ضاعت علينا المصاريف
كـله لـعـيـنـي دقـت الصبح دمام
اخوات حسناء سيف من لامعه سيف
من العام وانا عـنـدهـم تقل خدام

والقصيدة أطول من ذلك


رد مبيريك  وتشير قصيدة مبيريك إلى كون الحفيرة بقيادة فهد سلطان الجرباء ,وكذلك تشير إلى حادثة عداون بن طوالة مع عقاب العواجي التي وقعت شرق حائل حيث أن عدوان أعتق عقاب بعد أن طلبه ذلك  :

البارحة مابـت شاقـي بـتـولـيـف
لا ردتهن مثل التـهامي اليا حـام
تزاحمن بالصدر خـلجن مواليف
وأنا لهن عن مجنب الحوض زهـام
طراه يابن فريح طرياك للـكـيف
والكيف شربوه الطـنـايا وهو حام
وزليت عن جملة عيون المخاشيف
شقحن يشادن مستذيرات الاروام
غدو بهن فوق المهار المزاغـيـف
يـم الـقـرايا كصموهن بالاسوام
من كالنا بالوسم كلـنـاه بالـصيف
فرقى جـهـامـن مـاتجـمـع لها الام
بنيت بيت غراب للخرد العـيـف
ولا يـنـشـمـت في مستغرات الايام
الـعـام يالـزام سحـي وتجـريــف
الله يـعـيـدك مثل طـلـيـاتك العام
طـلوك شطـار نـدار نـتـاتـيـف
واخطان ماصابه غـدى تقل حوام
ياعقاب داير نجدتك بالـتـواقـيف
ياعقاب مـثـل اللي توطي بالاقدام
تـشـرب غـماد مثل ماتشرب العيف
مـسـتـلـغفن غبن الليالي اليا نام
العام وانت لـمـقـدم الـروم عـريـف
فوايدك من دولـتـك قـطـع الانـجـام
جتك الشيوخ اللي تعرف المصاريف
هداويه شخص الرمك صنع الاروام
يـتـلـون ابـن سلطـان راي وتصريف
ماسال عن كثر الخساير الياقام
من جـيـتـه لديارنا جاء لهن عـيـف
خلا شرايدكم هجيجه اليا الشام
لو انت ياعـدوان فـي ذاري الهـيـف
اودعـت راسـه مقـعـدن مـنه ماقام
ياحـيف ياعـدوان ياحـيـف ياحـيـف
اعتقت ناسن عقب ماطيرهم حام
اعتقت ربـعـن كـلـلـوا شذرة السيف
من يبذر الحسناء بقطاع الارحام
اول نوامـيـسـه نحـيـة ولــد سـيـف
وهو بين بـيـتـيـنـن قصيرن من العام
منهو قصيره جـعـل مايـقـري الضيف
ياعل ماله عـزوتـن تدي الالزام
تنصى الوثـيـري وانت تلقى مياهيف
الله لايـرحـم كـديـدك مـيـة عام
يارشيد ربعك يـنـزلـون الاطـاريف
ويغلـون للجالـب خروفه بالاسوام
يتلون ابو دوشه حسين التواصيف
من روس قومن مثل عقبان الارجام
سور الظعن وان حل مثل العواصيف
له مصحـفـن يـامـا تمناه من صام


أبو سلطان : فهد سلطان الجرباء
عدوان : عدوان بن طولة
رشيد : من العليان
ابو دوشة : ابن سعيّد 

مبيريك التبيناوي - قصيدة قمعة

حدثت هذه المعركة بالتيم قرب الخطة حيث يقطنه (الدغيرات) . كان التيم في ذلك الوقت والزمن في فصل الربيع وأرضه مليئة بالعشب .وعلمت قبيلة (عنزة) بما هي عليه أرض التيم ثم رحلت متوجهة إليه بإعداد كبيرة ,وقبل وصولهم انطلق عقاب العواجي ومعه مجموعة بسيطة من جماعته إلى الدغيرات للتفاهم بطريقة سلمية حول إمكانية المشاركة في هذه الأرض وما فيها من "أرزاق وخيرات", وعندما وصل عقاب ومن معه إلى مجلس الدغيرات وفيه مفتاح ومبيريك التبيناوي بدأت المفاوضات حيث وافق مفتاح على التشارك في الأرض فترة الربيع إلا مبيريك اشترط بعض الشروط على المعاهدة منها أن أي شمري يأتي من العراق "غزاي" عليكم فإن العهد الذي بيننا وبينكم انتهى . 

بعدها أرسل مبيريك التبيناوي إلى صديقه مسلط التمياط وعدوان الطوالة في موقع قرب الجزيرة, وأخبرهم بالوضع والشروط التي تمت وأن هذه فرصة كبيرة لرد اعتبار غزوة التنهات قرب بيضاء نثيل التي انكسر فيها التومان . رحل مسلط وعدوان نحو التيم وعندما وصل قربها نزل "النزلان"  استعدادا "لتصبيح" عنزة وأرسل مسلط لمبيريك يخبره بالموعد حتى يستعد الدغيرات للمعركة . وفعلا تم الصباح وانتهى العهد وشارك الدغيرات  وقتل من قتل وهرب من هرب وانتصرت شمر في تلك المعركة :

وقال مبيريك التبيناوي الذي ألبس بنت الضريغط مشلحه بعد المعركة وأعطاها جمل لكي يوصلها إلى أبيها الذي يكن له مبيريك ود كبير وقال لها بلغي والدك سلامي وشكري له فإنني أحفظ له معروف كبير , ويقصد انتصار الضريغط  من عنزة له على شهوان الومد من عنزة كذلك  :

ياراكب من عندنـا فـوق نسـاس
عفون اليامـا زل حمـوا القوايـل
ولد ذلول يلهجـه سبعـه أجـلاس
ورى تمام غـذاه عاميـن حايـل
ياماغداء ماتصطغ الخيل لـه راس
وراعيه لو ياطاء الخطر مايسايـل 
فوقه صدوق الهرج قطاع الارماس
يـدي لسعـدون علـوم الصمايـل
بالكذب ياسعدون دهويت لك نـاس
طمـع بديـرة كاسبيـن النفـايـل
خمك عشيرك زبن وندات الافراس
زبن الحصان ليا جـذى بالدبايـل
نزه الشوارب مايقـرب للأدنـاس
ألوى على زمله من البطن صايـل
ياما صبخ راسك براس من الناس
وتقاحصت صم الأمهار الاصايـل
ياما عزلكم مسلط قاسـي الـراس
عن الشيل والمظهور مثل العدايل
وخليت كيف الراس دلـه ومحمـاس
ونجر يداوي عن عماس القوايـل
وبنات من فرق مكانيـز الاكيـاس
دلت تدجـج بـمحـاس القبايـل
والديك خلي صوب مزبور الاطعاس
بالـدو ماحولـه عريـب مسايـل
ومحصنات دروعكم هي والالبـاس
جبناه فـي يـوم يـداوي الغلايـل



ونلاحظ أن قافية القصيدة نفس قافية قصيدة سعدون العواجي في معركة التنهات التي انكسر فيها التومان ومعهم قلة قليلة من شمر فمبيريك كان ينتظر فرصة الفعل حتى يرد على سعدون وتحقق له هذا في قمعة . نذكر أبيات لسعدون العواجي منها :

ياراكب من عندنا فوق نساس
مهو ليالي غذوة النضو عايل
لاولاد وايل مودعين العدو فاس
ومكـــــــللين شذرته بالفـــعايل
ركض علينا مسلط دايـخ الـراس
وجاه العقاب الصيرمي فوق حايل
ورمى عليه السيف وأعذر باللباس
وراحت تقمزبه ضبـي المسايـل
في روضه التنهات جدعنا الالباس
وذبـح اليامـا جيـت بيضا نثايـل

وأيضا قال سعدون قصيدته الأخرى التي ذكر فيها فزعة عبدة للتومان في المعركة نفسها

‏صفرا عقاب رثعت بالنواميس
ومسلط قعد مع لابسات الحضايا
صارت على التومان لولا السناعيس 
ظهور السواني فوق قب السبايا

مبيريك التبيناوي - قصيدة ظفرة كاملة

قصيدة مناخ ظفرة - جرى هذا المناخ بين شمر وعنزة قرب قرية السبعان وقد انتصرت شمر في المرحلة الأخيرة من المعركة التي امتدت لفترة طويلة. شارك فيها من شمر أولاد علي (الدغيرات أغلبهم من الغيثة والشريهة والتريبان )، وجزء من الأسلم والتومان مع ابن طوالة ومسلط التمياط، وقلة قليلة من فرسان حائل شاركوا خفيةً في المعركة . لقد كان الأسلم والتومان في البداية يريدون ترك الديار والهجرة خلف شمر إلى  العراق , ولكن رفض الدغيرات للرحيل جعلهم يرضخون للأمر الواقع ويشاركون جماعتهم في الدفاع عن حائل ,وقد أبلى الجميع بلاء حسنا في صد العدوان على حائل .




المعركة تسمى بـ ( مناخ ظفرة أو كون ظفرة ) وأي اسم آخر للمعركة هو اسم مستحدث.
بالنسبة للحديث حول زعامة ظفرة وانتشارها مؤخرا بين المهتمين بتاريخ تلك المرحلة التاريخية هو لا يتجاوز محاولات التبرير والتحوير وصناعة تاريخ جديد لأفراد دون آخرين رغم أهمية كل طرف ولوي أعناق الأمثلة والمواقف حتى تستجيب مع أحلامنا ورغباتنا الذاتية، وهذا ليس جديد في عالم تزييف الوعي الإعلامي الذي نعيشه في واقعنا اليوم. والمظلوم الحقيقي في ذلك هو المتلقي حديث السن الذي لا يقنع إلا بما نشأ عليه من قصص وروايات غير صحيحة. ولذلك حدثت هذه الانقسامات الحديثة مؤخرا بسبب هذا الواقع السيئ من التحريف .

 إن أكبر مشكلات تاريخ تلك المرحلة  حينما يكون التوثيق شعراً هم "الشعراء" غير الحياديين من جميع الأطراف، ولا نستثني من ذلك أحدا لا قريب ولا بعيد. والذين لا يلبثون في تعديل الأبيات الشعرية أو الإضافة عليها أو حتى حذفها من سياقها . فالعاقل يسرد الماضي لكي يفهمه ويستفيد منه لا أن يفاخر فيه ويمجده بشكل أعمى.

 لذلك لم يكن هناك زعامة(شمولية) بمفهوم القائد الأوحد وإنما كان هناك مهام تؤديها كل مجموعة بحسب تجانسها وتجاربها ومهاراتها وفنونها على القتال. فكان للدغيرات مهامهم , وللتومان مهامهم, وكذلك الأمر نفسه للأسلم .ثم إن القيادة ليست أمرا ثانويا حتى يتم تجاهلها من خلال الشعر الذي كان يتداول بعد نهاية كل معركة  فالشعر هو صحافة وإعلام مايدور في الصحراء ذلك الوقت. وبالتالي لم يرد على لسان مبيريك أي معلومة عن القيادة والزعامة في قصائده ولا حتى في قصائد دايس الهقاز. وعندما قال مبيريك : (نفرح بجية مسلط بالزحامي) الفرحة لا تعني أنه زعيم المعركة ولكن لأن مسلط شيخ كبير من شيوخ شمر وقوة ضاربة مع جماعته تُفرح أي جيش لانضمامهم معه في ظل غياب بقية الشيوخ الجرباء وابن علي...الخ  ولو كان زعيما للمعركة تأتمر بأمره الجيوش لرحلوا معه جميعهم عندما أراد ترك السوادين ولكن رفضوا الدغيرات الفكرة، واضطر مكرها للبقاء معهم...

والدغيرات كذلك لم يكن بينهم القائد الأوحد المتصرف والموجه وإنما كانت تتوفر بينهم ثقافة الطاعة والشورى والاستماع لكبار السن  المؤثرين بينهم , ومعروف عنهم هذه اللحمة والتماسك حول كبارهم "وعارفتهم" في ظل غياب الشخصية ذات الهالة الكاريزمائية في ذلك الوقت وذات الطموحات البعيدة ,ولذلك كانت القصائد التي تأتي من المنافسين أو من خارج القبيلة توجه إلى كبارهم مرة إلى مفتاح ومرة إلى مبيريك مع اختلاف سياسة الأثنين فالأول "مفتاح " يميل إلى الهدوء ,وعدم الاهتمام بمن يريد أن يبقى أو يرحل ممن تبقى من شمر في حائل , أما الثاني " مبيريك " فقد كان نارا مشتعلة في التعبئة ,والحشد ,والتجييش ,وارسال الرسل وإثارة الحماس بشعره حتى وصل به الأمر إلى مخاصمة ابن علي الذي هجاه في احدى قصائده بسبب رفضه للمساعدة و تسببت قصيدته في سجن بعض أفراد أسرته.

ومن القصائد التي وجهت  إلى هذا الثنائي : 

يقول سعدون العواجي مثلا : الشيخ مفتاح بثركم حدرناه ***روحوا وراكم يارفاع الحمايل..


ويقول شهوان الومد مثلا : جتنا جموعك يامبيريك زوار ***مثل الهضاب جموعك اللي تبارا .


ويقول الجهيلي : هي صدق يامبيريك علوم لفتنا **** ياشيخ ما تاقف وتزعج لنا صوت .


وهناك الكثير من القصائد الموجه لهم .

أيضا غياب الدوح من الدغيرات كان له وقع الأثر على مبيريك الذي يقول في ظفرة : ويننت ياخو نوف يوم الزحامي ** يوم الدخن غادي علينا تقل سيب.



تقول القصيدة




يانجـد ناحـي ضدنـا بالجهـامـي
قوطر وخلانـا بوجـه الاجانـيـب
يانجد قوطر للجزيـرة ونـامـي
وتنـام عيـن  ماغدالـه مطاليـب
انحيـت ياذبّـاح عجفـا سنـامـي
دونك من الديّـان مايتلـف الذيـب
وان شح في نفعه علينـا وشامـي
ريف الفقارى بالسنين المجاديب
اعتضت به خيّـال تالـي الجهامـي
شيخ  ولد شيخ  جنابه منـه هيـب
ونفـرح بجيّـة مسلـط بالزحامـي
لاشافته خيل المعـادي تقـل ذيـب
إليا حزّمو فـوق المهـار الجنامـي
يشدن شليل البسر فوق المراطيـب
يازبن مذكـور (بظفـرة )وسامـي
ياحد أبارق عصفر جوبة الطيـب
جونا عيال القيـق مثـل التهامـي
روم يريـدون الفيـاض المعاشيـب
شرهو على الديرة خروق الجلامـي
يبـون بالسبعـان منـا مكاسيـب
وساقـو علينـا دايريـن الزحامـي
وكـلٍ ينكس للمتـلّـي منـاديـب
وسقنا عليهم زمل غـوش كرامـي
وزغرت بتالي الزمل بيض الرعابيب
إليا وردة الحدبا على النجر زامـي
ملح ٍ يورّث بالقوايـم مـن العيـب
واللي محاضينـن سناهـا عمامـي
تخصب بهم بقع النسور المحاديـب
كـل ٍ يـرّد لصيـرم ٍ بالحـزامـي
ويركض على حوض المنيّه إليا هيب
وحل القبل واقبل سـواد الجهامـي
بعنا البعيـد اللـي ورانـا بتقريـب
وتنابـن النـزرات بيـن الجهامـي
يما وقع به مرزق الضبـع والذيـب
ياما وطينا الضد وطـي الخدامـي
غصبٍ وطيناهم كما نعلة الهيـب
والشيـخ بـدّل هدّتـه بإنهزامـي
عقب القتب (نوتٍ) تلاح المصاليـب
وابـن مريخـان  تعدى الردامـي
من فعل ربعي منحزيـن الاجانيـب
جبنا شـذى حشوانهـم والجهامـي
مع حلّة اليديـان هـم والمغاصيـب
كلّـه لعينـي فــرّع بالحـزامـي
يشرفن واللي طايـحٍ يمّهـن جيـب
يدنّـه القبـر الطويـل الهـدامـي
وزاغت قلوب محصّنات الرعابيـب
يا ابو ريوف القلب طبه هيامـي
متقرنس غادي سواده مـن الشيـب
على اللـذي منّـا تحيـزم وقامـي
ومن طيحته مع ايمن الربع ماجيـب
ماوادعـن بأيّـام فرقى الولامــي
الصبر يالاجواد هو شـارة الطيـب
افرح اليا جاني الكرى فـي منامـي
وأيّس عدد ماتشرق الشمس وتغيب
مار ياغوش ياركّاب هجـنٍ همامـي
منوة غريب الدار حرش العراقيـب
ايّاكـم اللـي فاهمـن فـي كلامـي
يـدّي كلامـن مادمرتـه بتكذيـب
وين أنت ياخـو نـوف يـوم الزحامـي
يوم الدخن غادي علينا تقل سيـب
غدابـك اللـي كـل حكيـه بيامـي
جار لهم تدعى على الزاد وتجيـب
كان انت مطلوب وعليكـم تهامـي
إلحق وندّي عنـك كـل المطاليـب




قوطر للجزيرة ونامي : الجرباء
مسلط : هو مسلط التمياط
زبن : شريهي من أقارب مبيريك
أبو ريوف : مفتاح الغيثي
اخو نوف : الدوح من شيوخ الحسين
حد أبارق عصفر : موقع قريب من السبعان
محاضين سناها عمامي : الدغيرات
اليديان : الأيداء من شيوخ قبيلة عنزة 

الجمعة، 26 أغسطس 2011

تاريخ التبانا (التبيناوي ) من قبيلة شمر .



في البداية ستكون النبذة موزعة على ستة مراحل نظرا لأن التبانا كان لهم حضورا  في أغلب تاريخ وقصص شمر (شعرا وقتالا )قبل عصر الرشيد وبعده وهي على النحو التالي :



المرحلة الأولى  : مرحلة النسب


فالتبانا هم أولاد محمد بن خميس بن سعيد بن جلمود بن علي بن محمد بن شهوان الضيغمي( من عبده من شمر).


والضياغم كما في الروايات المشهورة فرع من فروع قبيلة عبيدة قحطان ( قحطان التالي) وهاجروا من تثليث آخر حدود هضبة نجد جنوبا - جنوب وادي الدواسر- قبل ٦٠٠ سنة، وتفرقوا في شمالي الجزيرة العربية وشرقها، ومن استقروا في شمالي نجد ( حائل) وحكموها بعد صولات وجولات ومعارك هم من يطلق عليهم اليوم اسم عبدة من شمر. وشمر حلف من عدة قبائل منها الضياغم وفروع من قبيلة طيء وغيرهم وجميعهم من قبائل سبئية قحطانية (قحطان الأول) ويلتقون نسبا في الجد ( أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان) بالإضافة إلى قبيلة كندة وقبيلة لخم…الخ، ومن استوطن حائل هم:


آل شهوان : الدغيرات 

آل راشد : الجعفر والربيعية

آل مقدم : اليحيى


ويقول بعض المهتمين بتحاليل الحمض النووي DNA أن شمر ليست حلفا بل ترجع نسبا لجد واحد من قبيلة طيء حسب نتائج التحاليل ( علم الأنساب الجيني) وهذا يحتاج إلى نظر وبحث لأن العلم هو المرجع وهو الحقيقة التي لا تخضع للاجتهادات والعواطف والقصص غير الدقيقة.


وقُرب الدغيرات من اليحيى بسبب خلافات  بين آل راشد وآل شهوان، وهناك رواية رواها بعض كبار الجعفر قبل عشرين سنة بأن الجعفر والدغيرات يلتقون بشهوان، والربيعية واليحيى يلتقون براشد و ولكن الخلاف القديم فرق بينهم، وأقامت أسرة علي عند يحيى بن ترجم بن مقدم وتزوج أمه فاطمة بنت ابن بقار وأنجب منها قبيلة الجري، وعاش علي كابن من أبناء يحيى.


علي: هو أب لجميع الدغيرات وأنجب خمسة أبناء، وفي رواية أخرى سندها ضعيف أنهم ستة أبناء حيث أن غانم ابن لعلي وليس ابن لجليميد الذي لم ينجب أبناء.






- وبسبب الحلف الذي تم بين 1- التبانا 2- الجذول 3- بعض أفخاذ الشريهة في إحدى المعارك في زمن دخيل التبيناوي أصبح مع الوقت يطلق على جميع هذه القبائل لقب الشريهة. وهم في الحقيقة أبناء أب واحد حتى لو لم تكن أمهم (شريهة) من دون بقية الدغيرات ,ويجتمعون في خميس - أخ فاضل أبو الغيثة - مع (الهثمي) لكن الهثمي لم يشاركوا في ذلك الحلف وكانوا بعيدين عن أبناء عمومتهم , حيث لهم انجازاتهم في العراق كما أن للتبانا انجازاتهم بين نجد والحدود الشمالية مع العراق امتداد من تاريخ المناضل والمعارض من أجل حائل وقبيلة شمر مبيريك التبيناوي, مرورا بحسن ومن بعده وطبان وطليحان التبيناوي حيث أصبح هناك من أفراد قبيلة الشريهة ومن شمر كذلك من يشارك في الغزوات تحت زعامتهم, في ظل وجود شيوخ وعوائل كريمة للشريهة كابن هزاع والزعيلي وابن لاحم وابن جذل وابن مفلح... إلا أن هذه العوائل الكريمة (خاصة من كبار السن ومن وافاهم الأجل ممن عاصر ذلك الواقع وفهمه وأنصفه ) يقدرون بيت الوطبان وخدماتهم لقبيلة الشريهة ماضيا وحاضرا ,ويقدمونهم في الإمارة ويحفظون لهم السمعة والانجازات التي قدموها لقبيلة شمر عامة و للدغيرات والشريهة خاصة , ومنها أيضاً ما فعله حسني التبيناوي عندما قدمه الدغيرات لحل مشكلة بزاخة.



-       لقب التبانا : أخوات ميثا

-       وسم التبانا : المحجان


المرحلة الثانية :


مرحلة مبيريك التبيناوي وصديقه مفتاح الغيثي وهي مرحلة مهمة في تاريخ شمر قاطبة ,فمبيريك كان له دور كبير في التحفيز والثبات وإثارة الحماس سواء بين أفراد الدغيرات أو بقية أفراد شمر . كما أن صوته مسموع بين جماعته . وشعراء عنزة سواء سعدون العواجي أو شهوان الومد أو غيرهم يوجهون قصائدهم غالبا نحو مبيريك أو مفتاح . قال شهوان الومد في قصيدته بعد حادثة بيضا نثيل :


        جتنا جموعك يامبيريك زوار

      مثل الهضاب جموعك اللي تبارا


وقول الشاعر: عقلاء الجهيلي


     هي صدق يامبيريك علومٍ لفتنا

      ياشيخ ما تاقف و تزعجلنا صوت



وهذه المرحلة لم تعط حقها كفاية من التحليل ولم توضح ظروفها ومعاناتها جيدا ؛ نظراً لمحاولة

 طمس بعض القصص المهمة في تلك الفترة . لقد بدأت أطماع قبيلة عنزة تزداد يوما بعد يوم في محاولة لبسط نفوذها على حائل مستغلة رحيل الجرباء ومن معه من قبيلة شمر بعد معركة العدوة الشهيرة عام 1205 هـ/ 1791م,وهي معركة عقائدية وليست عشائرية. وكان الجبل في ذلك الوقت يسكنه الدغيرات وقلة قليلة أخرى من شمر لكن بداية المواجهات كانت مع الدغيرات خاصة في المعارك التي جرت قبل موقعة ظفره ومنها الأثماد وهييف,أما حائل الحاضرة فالحاكم فيها ابن علي المتأثر والمؤيد للحركة والدعوة الوهابية السلفية والتي رحبت باستمرار حكم أسرته على حائل تحت راية ابن سعود بعد قيام الدولة السعودية الأولى. 

       لقد عانى الدغيرات وخاصة مبيريك من الخذلان في ذلك الوقت . حيث ذهب مبيريك إلى ابن علي في حائل وأخبره بأطماع عنزة وأن الاستيلاء على الجبل يعني الاستيلاء على حائل مستقبلاً ,ثم طلب منه المساعدة والمساندة ( الرجال والسلاح) لكنه فوجئ برد قال فيه ابن علي " حنا يالله نحمي فلاياتنا من الحنشل " والسلاح والرجال نحن بحاجتهم - واعتقد أن ابن علي لم يتعامل مع الأمر بجدية واهتمام ليس من أجل هذا السبب البسيط ,وإنما وراء رفضه أسباب عقائدية وعلاقة بحتمية وجوده بمنصبه في الإمارة  من ناحية الأوامر التي يتلقاها من الرياض وخاصة في ما يتعلق (بالغزو والحروب بين أفراد البادية) - خرج مبيريك التبيناوي غاضبا من عند ابن علي ومر في طريقه السوق ليشتري بعض السلاح بالإمكانيات المتاحة التي جُمعت من جماعته وشاهد ذلك عندما قال :


بشر عقاب بان وجه المظاهير

نبي نقاربهم ولابه مراواة

صرنا حدر حكمات والي المقادير

والعمر ماياقاه كثر المداراة

                        ياما شرينا بالسنين المعاسير

                       من بندقٍ غال ثمنها ومشراة

طبع لهلنا كان جمع العدو ذير

ونثني ليا حل القضا والمثاراة


بعدها أنشد قصيدته التي يعرفها قلة قليلة وهناك من يحاول تجاهلها؛لاختزال تاريخ مبيريك بالشعر أو بأنه (شاعر فقط). والتاريخ بحاجة لكثير من المصداقية لما قدمه من (مناضلة وصمود وتضحيات ) تجاه مدينته حائل وتجاه قبيلته شمر . هذه القصيدة كانت ردة فعل وغضب شديد على ابن علي وهنا ننبه أن الحاكم لا يمثل إلا نفسه ولا يمثل جميع أسرته الكريمة , فقد كان  من أقارب الأمير وأيضا حاضرة حائل من لا يؤيده في هذا الاتجاه ,ومنهم من شارك خفية في المعارك التي جرت بين شمر وعنزة . قال:


شيوخنا مابه للأجناب مخراج

زين اليا فكت شيوخي فروجه

الله على من باعهم بيع محتاج

وأخذ عقاب بي شيوخي زعوجه



وتسببت هذه القصيدة في ابتعاد مبيريك التبيناوي عن حائل فترة زمنية حتى لا يصبح تواجده عبء على الدغيرات يضاف إلى عبء قبيلة عنزة فابن علي أصبح خصماً من جهة ,وعنزة من جهة أخرى. وسجن بسبب قصيدته أيضا بعض أفراد عائلته .

        لقد اعلنت هذه القصيدة عن ظهور أول معارضة ضد حكم ابن علي  نتيجة صمته عن كثير من تجاوزات القبائل الأخرى على حدود قبيلة شمر في حائل ,وهذه المعارضة وجدت صدى داخل الأسرة الحائلية فيما بعد , حيث نشأت بعد ذلك معارضة آل رشيد على نفس السلوك الذي انتهجه ابن علي في التعامل مع تجاوزات بعض أفراد البادية من القبائل الأخرى على حائل . وشارك عبدالله ابن رشيد في بعض المعارك التي جرت بين شمر وعنزة .


 ثم أنشد قصيدته يعاتب الجرباء على رحيله موضحا أن القبيلة لا تقف على اسم رجل واحد أيا كان موقعه فإذا غاب الجرباء (حنا اللي نعيي على الدار) حيث قال :


فاطري نقال هم المقادي

قفى وخلا من تخلى على الدار

ماغير مضرب بيتهم والسمادي

وبثل لشراب القهاوي بالامجار

وإن كان لخيال الشقاحا تلادي

قفى وحنا اللي نعيي على الدار

مع غلمةٍ ما هولسو بالقيادي

إلا بما يلفظن عجلات الأقدار

لهادتٍ للي يدور اللهادي

بنزر من المثلوث كان الدخن ثار

أولاد علي ناقلين العيادي

فطاير مايقبلن كود الأبكار



  لقد خاب ظن " الثائر "مبيريك التبيناوي كثيرا بأسماء كبيرة من أفراد العشيرة الكبار- وخسر الكثير وعانى مبيريك من الجلاء ,وسجن أولاده ,وقتل منهم من قتل في حروب شمر مع عنزة. لكنه وجد في صديقه مسلط التمياط ,وعدوان ابن طوالة أيضا , إضافة لأفراد قبيلته من الدغيرات عوضا كبيرا عن البقية في بداية المواجهات حيث تم ايقاف زحف قبيلة عنزة نحو مدينة حائل .

     وقد عبر مبيريك عن حزنه في مقتل ابنه فريح بأبيات ضمن قصيدته المشهورة في(ظفرة) حينما قال :

يابوريوف القلب طـبـّه هـيـامي

متقرنسن غادي سواده من الشيب

على الذي منا تحيزم وقامي

ومن طيحته مع أيمن الربع ماجيب

أفراح لا جاني الكرى بي منامي

وأييس عدد ما تطلع الشمس وتغيب

   ماوادعن بأيام فرقى الولامي

الصبر يالاجواد هو شارة الطيب


وبينما كان يعد العدة لدفن ابنه فريح وفد إليه بعض الضيوف من "الشلقان" وأكرمهم ,وعندما نادى بهم لتناول الطعام طلبوا منه أن يوقظ الرجل النائم تحت الغطاء ليشاركهم الطعام إلا أنه اعتذر لهم بعذر لا يكشف حقيقة من هو هذا الرجل كي لا يؤثر الأمر عليهم قبل تناولهم الطعام. وبعد أن أخذ الضيوف واجبهم من الضيافة أخبرهم مبيريك بأن الرجل النائم هو ابنه القتيل فريح كي يشاركوا أهله في تشييع جنازته.


وقد يكون مبيريك من القلائل في القبيلة الذين لم يحملوا هما خاصا (عبديا أو دغيريا ) كان هاجسه وهمه الأكبر هو ايقاف زحف هذا المعتدي على المدينة والقبيلة بشكل عام, وكان يمتدح البعيد على انجازاته ويقسو بنقده على القريب لتخاذله . وهناك أمثلة كثيرة أهمها ما فعله مع ابن علي وهو من عبده , و رشيد العلياني وهو دغيري دون التفات للتعصب الضيق في مرحلة حرجة من تاريخ حائل وقبيلة شمر .. لقد كان مبيريك يحترم حتى اعدائه ويذكر محاسنهم في القتال ولا ينشد الشعر بل ويرفض الرد على الخصوم إلا بعد فعل ومنجز واضح . 

هذه كانت سياسة مبيريك سابقا وقد خالفها بعض الاحفاد في هذا العصر الذين انجرفوا مع التعصب الأعمى حيث قاموا في صناعة تاريخ جديد من قصائد وملاحم للقبيلة وتقديم وتفخيم اسماء على أخرى أو العكس وهم في ذلك لا يمثلون سوى أنفسهم ,فليس كل فرد  ينتمي لأسرة آل رشيد أو آل علي أو آل جرباء أو حتى التبانا أنفسهم.. يستحق الصناعة والتفخيم فمنهم من كان له حضور سلبي ومنهم من كان له حضور ايجابي في تاريخ  حائل أو القبيلة, ومنهم من ليس له أي انجازات تذكر سوى أنه ينتمي إلى هذه الأسر الكريمة .  وهناك تيار داخل التبانا لا يتدخلون في المناكفات التي تجري بين أفراد القبيلة (أسلم/سنجارة/عبدة) أو حتى أهل حائل الكرام , ويقرؤون التاريخ في سياقه وواقعه الزمني (ايجابياته وسلبياته/ مالهم وما عليهم) ولا يريدون أن يقحموا شعرهم و أنفسهم في مسائل خلافية تجر إلى التعصب الضيق الذي استشرى هذا العصر بين الناس رغم كل المنجزات الحضارية والعلمية. ونحن الآن في زمن أصبح كل إنسان فيه يمثل نفسه في آرائه وأفكاره ولا يمثل أسرته ولا قبيلته وهو قادر على الدفاع عنها بنفسه.


****

ولقد حدثت مع قبيلة عنزة معارك كثيرة ما بين نصر وهزيمة بداية من موقعة الاثماد وهييف وذورة وظفرة و بيضاء نثيل وماجرى فيها على التومان ومن معهم من شمر ثم قمعة والحفيرة وأخيرا معركة أبرق الشيوخ ووثقت هذه الأحداث بقصائد من مبيريك التبيناوي:

       رده على شهوان الومد من عنزة عندما سأله بالله الرد بعد هزيمة التومان قال:


شهوان كذبك يلحق الطير وإن طار

يقطع شعيب القفر ماينتبارا

عسى عجوز جابتك لوسط النار

ياللي تدور من خصيمك قرارا

أبوك له عن جنة الخلد قهار

ويننت عن ميلة وهيد العذارا

وإن ذبحتوا راعي بألف صنقار

أيه ويومٍ يغتنون الفقارا

أنص الضريغط كننت للحق دوار

أنشده بعازل ليلها عن نهارا

خصه بمنشئ الغيم جياب الأمطار

تره يقول الصدق مابه ممارا


ثم قصيدته بعد معركة (ذوره ) غرب الشملي والتي حصلت فيها قصة أبا الوقي مع عقاب , وننبه لأمر هام أن البيت الذي تناول هذه القصة لم يكن ثاني بيت بالقصيدة كما يتم تداوله.


بيضاء نثيل مقطن الشمريات

وإن جيتها يالجعفري فنت عايل

العقلة الفوقا لنا يالدغيرات

حامينها بمدمجات الفتايل

والعقلة الحدرى للزوبعيات

سود العيون مقضقضات الجدايل

إلى أن قال

السيف من يمنى عقاب خذيناه

والخيل بدل كتشها بالأصايل


الخ القصيدة وهي متاحة في كثير من المواقع


وكان من أشهر المعارك هي معركة ظفرة التي قال فيها مبيريك :


يانجد ناحي ضدنا بالجهامي

قوطر وخلانا بوجه الاجانيب

يانجد قوطر للجزيرة ونامي

وتنام عين ماغداله مطاليب


الخ القصيدة فهي طويلة ومتاحة هنا في المدونة



وأيضا من المعارك المهمة لصالح شمر هي معركة قمعة وقال فيها مبيريك :


يـاراكــب مـــن عـنـدنـا فـــوق نــســاس

عــفــون الـيـامــا زل حــمـــوا الـقــوايــل

ولـــد ذلـــول يلـهـجـه سـبـعـه أجـــلاس

ورى تــمـــام غـــــذاه عـامــيــن حــايـــل

ياماغـداء ماتصـطـغ الخـيـل لــه راس

وراعيـه لـو يـاطـاء الخـطـر مايسـايـل

كـنــه ظـلـيـم جـافــل شـــاف الاونــــاس

مــتــذيــرن مـــــــن نـاقــلــيــن الـفــتــايــل

فوقه صـدوق الهـرج قطـاع الامـراس

يـــــدي لـســعــدون عــلـــوم الـصـمـايــل

بالكـذب ياسعـدون دهويـت لـك نـاس

طـــمـــع بـــديــــرة كـاســبــيــن الـنــفــايــل


الخ القصيدة وهي متاحة هنا في المدونة


ثم جرت حادثة عدوان بن طوالة مع عقاب ووثقها مبيريك بقصيدته الشهيرة


ياحيف ياعدوان ياحيف ياحيف

أعتقت ربع عقب ماطيرهم حام

أعتقت ربع كللوا شذرة السيف

ومن يبذل الحسنى بقطاع الأرحام




وهي أيضا قصيدة طويلة ومتاحة هنا في المدونة .


وأخيراً مقتل العواجية في معركة قادها هايس القعيط وتكفل كل من مفيز العفر ومشاري الشقاق ودوشق ابن سنيدان من قتل الشيوخ . والقصيدة مشهورة عند الجميع .


بدايتها يقول :


حنا طلبتن عند رب السموات

عينه تراعي باذر زارعينه

ليات خمسين تعشيهم الشاة

من زوبع وضياغم خالطينه

لميتين خيال وخيل مريحات

وجيش يعزل من وراهم كمينه

إلى أن قال

شلة مفيز شلة الذيب للشاة

وخلاه للي يستغله بدينه


والقصيدة مشهورة ومتاحة هنا في المدونة







المرحلة الثالثة من تاريخ التبانا:


هي مرحلة أبناء بركة أخ مبيريك وهم كل من دخيل وسالم وقد حدث في زمنهم معركة اجتمع فيها مجموعة كبيرة من أفخاذ الشريهة بقيادة دخيل التبيناوي . وقصة ذلك أن بعض التبانا غزى على قوم من بني رشيد عائدون من ينبع ومحملين بخيرات كثيرة . وكان بني رشيد معهم بعض الأفراد من فخذ الصران من العليان ,وجميعهم في وجه دغيم ابن سعيد, وحاول ابن سعيد ومن معه  من الصران وبني رشيد أن يستردوا هذه الخيرات دون نقصان حبة واحدة . إلا أن التبانا رفضوا ذلك لصعوبة إعادة "كل شيء" خاصة الطعام فقد تفرق مع الجيش علما أنهم وافقوا على إعادة ما بقي مما كسبوه في الغزو محاولة منهم في البداية لحقن دماء الأقارب , إلا أن ابن سعيد رفض . ولم يؤثر بهم تهديد ابن سعيد بالحرب . بعدها التحق بهم أبناء عمومتهم الجذول والزيدان والمفلح فقط دون غيرهم , أما الشيخ ابن هثمي فقد كان بعيدا في العراق ,وهم من أقرب الناس للتبانا .جرت المعركة في التيم وكانت أول " طلقة نارية " تصيب دغيم ابن سعيد وتقتله . وقتل من الشريهة دغيم ابن مفلح . قال أحد الشعراء في دغيم بعدها :



يابن صران وين دغيم

ريف الجيعان على التيم .




المرحلة الرابعة :

مرحلة حسن بن دخيل التبيناوي , وهي مرحلة عاصرت زمن آل رشيد وقد خاض محمد العبدالله الرشيد كثير من المعارك التي شارك فيها حسن وكان لكل معركة قصيدة وأشهر القصائد هي قصيدته الشهيرة الشيخة في غزوة عتيبة . لقد كان حسن مقربا كثيراً من محمد العبدالله قبل أن ينشب خلافا بينهما بسبب الخلوي من السويد من عمال ابن رشيد الذي قطع يده صنيتان التبيناوي فيما بعد. وتسببت هذه في قطع يد صنيتان أيضاً . وبسبب هذا الخلاف رحل التبانا إلى نواظر أو بالقرب منها ولما علم الرماحي بهذه المحنة رحل ومعه التريبان ونزل على التبانا ,وهذا الأمر أغضب ابن رشيد حيث أرسل له رسالة تتضمن تخليه عنهم إلا أن الرماحي رفض ذلك , فغضب ابن رشيد غضباً شديدا وقال في مجلسه "فل البيرق" ,وكان من الحضور وادي ابن علي والرثيع ابن سعيد وبعض شيوخ شمر حيث اكتفى ابن سعيد بالخروج غاضبا من مجلس ابن رشيد. ورفض بقية مشائخ شمر هذه الفكرة فهم يرون الدغيرات دعامة كبيرة لقبيلة شمر. بعدها دُس لحسن من يقتله . وحاول أحدهم قتله لكنه فشل في ذلك وعندما عرف ابن رشيد غضب على فشل هذا المخطط . حاول الخلوي ومن معه بغزو التبانا إلا أنه تكبد خسائر كثيرة . وبعد أن قطعت يد صنيتان - رغم تحذير الكثير له من عدم الذهاب إلى حائل حتى لا يتم اعتقاله - غضب صنيتان(أبو يديه) ورحل للحويطات ثم أخذ يغزو على ابل ابن رشيد وقد حاز عليها عدة مرات . صنيتان له ثأره الخاص مع محمد العبدالله ,وقد رفض أقاربه في الدخول بمعارك مع بقية شمر الذين هم أيضا رفضوا فكرة الاقتتال. وتحول الثأر فيما بعد بينه ومن طلب معونتهم وبين ابن رشيد وحراسه. ولم تكن هي الحالة الأولى التي يُطلب فيها العون من الحويطات فقد فعلها غضبان ابن رمال أثناء مشكلته مع الزميل  . وفعلها بعض فرسان شمر الذين طلبوا العون من خارج القبيلة تجاه سياسات الرشيد السلبية نحوهم. ولكل دولة على مر التاريخ معارضين لسياساتها.


- ثم جاء عصر عبدالعزيز المتعب وبادر بالاعتذار لصنيتان بعد تسلمه الحكم عما بدر من عمه محمد العبدالله, وقبل صنيتان عذره. وغزا الأشقر في الجزيرة ولم يكن من التبانا متواجدا بالقرب من الحدث سوى حواس بن نهار التبيناوي الذي أنشد وهو صغير قصيدته المشهورة :



       يا أشقر جاك أشقر ما يهابك

      لا تنهضم هذا سعوط المجانين 


 الخ القصيدة وهي متاحة هنا في المدونة .



المرحلة الخامسة :


هذه المرحلة هي مرحلة وطبان بن حسن التبيناوي(أخو عبطا) وطليحان بن جمعان التبيناوي(أخو فهيدة) أبناء العم وهم من عقدا شمر ولهم صولات وجولات كثيرة وبعد غضب التبانا على الرشيد نزحوا للشمال واستقلوا بغزواتهم . وقد ذُكر في هذا المنتدى بعض غزواتهم وشواهدها من القصائد, وكان يطلق على طليحان عقيد الشيوخ ففي إحدى مغازي طليحان كانت تحت أمرته سبعة شيوخ من شمر أبرزهم عزيز بن علي وجدعان التمياط وبرجس ابن جبرين وابن عجيل وابن جدي .كما لا ننسى شجاعة بركة المهوس التبيناوي الذي قتل في لينة في حرب شمر مع الأخوان . وكذلك شجاعة عياد التبيناوي .



المرحلة السادسة :


ثم يأتي دور حسني التبيناوي فقد عرف عنه قوة الحجة والشجاعة في قول الرأي والكرم الذي لا يضاهى , ويروي كل من عويد صليبي التبيناوي و محمد الرويعي قبل وفاتهما أنه أحيانا - يقصد حسني - يوقظ زوجته بهيش الفديد ثلاثة مرات في الليلة تعد الطعام للضيوف.


وقد انتخب الدغيرات حسني التبيناوي ومعه عماش ابن سعيد حيث كان عماش صغيرا أثناء مشكلة بزاخة بين الدغيرات والجبرين من المفضل , وقد شارك في المفاوضات التي جرت في مدينة الرياض . كما أنه كان صامدا للدغيرات في الحيانية في وجه أطماع الزميل. و شارك في معركة المسعري حيث كان قادما من الجزيرة (عقيدا) في غزو وصادف المسعري وقتها .


يقول فيه ضبيان مطلق الشريهي بعد وفاته - بيت من قصيدة طويلة


ياليت أبو مهدي على الدار موجود

وألا غيابي صايرٍ مع غيابه


وفي النهاية لكل تاريخ ايجابياته وسلبياته ,لكن المنصف والعاقل لا يرى بعين واحدة , ولا يفكر بطريقة ثنائية (إما أسود أو أبيض) فبين الأسود والأبيض درجات لون كثيرة ينبغي مراعاتها أثناء الحكم والتقييم . وكل ماضي ينبغي أن يقرأ بسياقه التاريخي والزمني يقرأ بظروفه الاجتماعية والثقافية والسياسية .



انتهى





اقرأ هنا : حول موضوع ( مشيخة الدغيرات ) قيادات مرحلية لقضايا مختلفة

https://zidan2011.blogspot.com/2013/04/blog-post.html?m=1