السبت، 27 أغسطس 2011

مبيريك التبيناوي - قصيدة ظفرة كاملة

قصيدة مناخ ظفرة - جرى هذا المناخ بين شمر وعنزة قرب قرية السبعان وقد انتصرت شمر في المرحلة الأخيرة من المعركة التي امتدت لفترة طويلة. شارك فيها من شمر أولاد علي (الدغيرات أغلبهم من الغيثة والشريهة والتريبان )، وجزء من الأسلم والتومان مع ابن طوالة ومسلط التمياط، وقلة قليلة من فرسان حائل شاركوا خفيةً في المعركة . لقد كان الأسلم والتومان في البداية يريدون ترك الديار والهجرة خلف شمر إلى  العراق , ولكن رفض الدغيرات للرحيل جعلهم يرضخون للأمر الواقع ويشاركون جماعتهم في الدفاع عن حائل ,وقد أبلى الجميع بلاء حسنا في صد العدوان على حائل .




المعركة تسمى بـ ( مناخ ظفرة أو كون ظفرة ) وأي اسم آخر للمعركة هو اسم مستحدث.
بالنسبة للحديث حول زعامة ظفرة وانتشارها مؤخرا بين المهتمين بتاريخ تلك المرحلة التاريخية هو لا يتجاوز محاولات التبرير والتحوير وصناعة تاريخ جديد لأفراد دون آخرين رغم أهمية كل طرف ولوي أعناق الأمثلة والمواقف حتى تستجيب مع أحلامنا ورغباتنا الذاتية، وهذا ليس جديد في عالم تزييف الوعي الإعلامي الذي نعيشه في واقعنا اليوم. والمظلوم الحقيقي في ذلك هو المتلقي حديث السن الذي لا يقنع إلا بما نشأ عليه من قصص وروايات غير صحيحة. ولذلك حدثت هذه الانقسامات الحديثة مؤخرا بسبب هذا الواقع السيئ من التحريف .

 إن أكبر مشكلات تاريخ تلك المرحلة  حينما يكون التوثيق شعراً هم "الشعراء" غير الحياديين من جميع الأطراف، ولا نستثني من ذلك أحدا لا قريب ولا بعيد. والذين لا يلبثون في تعديل الأبيات الشعرية أو الإضافة عليها أو حتى حذفها من سياقها . فالعاقل يسرد الماضي لكي يفهمه ويستفيد منه لا أن يفاخر فيه ويمجده بشكل أعمى.

 لذلك لم يكن هناك زعامة(شمولية) بمفهوم القائد الأوحد وإنما كان هناك مهام تؤديها كل مجموعة بحسب تجانسها وتجاربها ومهاراتها وفنونها على القتال. فكان للدغيرات مهامهم , وللتومان مهامهم, وكذلك الأمر نفسه للأسلم .ثم إن القيادة ليست أمرا ثانويا حتى يتم تجاهلها من خلال الشعر الذي كان يتداول بعد نهاية كل معركة  فالشعر هو صحافة وإعلام مايدور في الصحراء ذلك الوقت. وبالتالي لم يرد على لسان مبيريك أي معلومة عن القيادة والزعامة في قصائده ولا حتى في قصائد دايس الهقاز. وعندما قال مبيريك : (نفرح بجية مسلط بالزحامي) الفرحة لا تعني أنه زعيم المعركة ولكن لأن مسلط شيخ كبير من شيوخ شمر وقوة ضاربة مع جماعته تُفرح أي جيش لانضمامهم معه في ظل غياب بقية الشيوخ الجرباء وابن علي...الخ  ولو كان زعيما للمعركة تأتمر بأمره الجيوش لرحلوا معه جميعهم عندما أراد ترك السوادين ولكن رفضوا الدغيرات الفكرة، واضطر مكرها للبقاء معهم...

والدغيرات كذلك لم يكن بينهم القائد الأوحد المتصرف والموجه وإنما كانت تتوفر بينهم ثقافة الطاعة والشورى والاستماع لكبار السن  المؤثرين بينهم , ومعروف عنهم هذه اللحمة والتماسك حول كبارهم "وعارفتهم" في ظل غياب الشخصية ذات الهالة الكاريزمائية في ذلك الوقت وذات الطموحات البعيدة ,ولذلك كانت القصائد التي تأتي من المنافسين أو من خارج القبيلة توجه إلى كبارهم مرة إلى مفتاح ومرة إلى مبيريك مع اختلاف سياسة الأثنين فالأول "مفتاح " يميل إلى الهدوء ,وعدم الاهتمام بمن يريد أن يبقى أو يرحل ممن تبقى من شمر في حائل , أما الثاني " مبيريك " فقد كان نارا مشتعلة في التعبئة ,والحشد ,والتجييش ,وارسال الرسل وإثارة الحماس بشعره حتى وصل به الأمر إلى مخاصمة ابن علي الذي هجاه في احدى قصائده بسبب رفضه للمساعدة و تسببت قصيدته في سجن بعض أفراد أسرته.

ومن القصائد التي وجهت  إلى هذا الثنائي : 

يقول سعدون العواجي مثلا : الشيخ مفتاح بثركم حدرناه ***روحوا وراكم يارفاع الحمايل..


ويقول شهوان الومد مثلا : جتنا جموعك يامبيريك زوار ***مثل الهضاب جموعك اللي تبارا .


ويقول الجهيلي : هي صدق يامبيريك علوم لفتنا **** ياشيخ ما تاقف وتزعج لنا صوت .


وهناك الكثير من القصائد الموجه لهم .

أيضا غياب الدوح من الدغيرات كان له وقع الأثر على مبيريك الذي يقول في ظفرة : ويننت ياخو نوف يوم الزحامي ** يوم الدخن غادي علينا تقل سيب.



تقول القصيدة




يانجـد ناحـي ضدنـا بالجهـامـي
قوطر وخلانـا بوجـه الاجانـيـب
يانجد قوطر للجزيـرة ونـامـي
وتنـام عيـن  ماغدالـه مطاليـب
انحيـت ياذبّـاح عجفـا سنـامـي
دونك من الديّـان مايتلـف الذيـب
وان شح في نفعه علينـا وشامـي
ريف الفقارى بالسنين المجاديب
اعتضت به خيّـال تالـي الجهامـي
شيخ  ولد شيخ  جنابه منـه هيـب
ونفـرح بجيّـة مسلـط بالزحامـي
لاشافته خيل المعـادي تقـل ذيـب
إليا حزّمو فـوق المهـار الجنامـي
يشدن شليل البسر فوق المراطيـب
يازبن مذكـور (بظفـرة )وسامـي
ياحد أبارق عصفر جوبة الطيـب
جونا عيال القيـق مثـل التهامـي
روم يريـدون الفيـاض المعاشيـب
شرهو على الديرة خروق الجلامـي
يبـون بالسبعـان منـا مكاسيـب
وساقـو علينـا دايريـن الزحامـي
وكـلٍ ينكس للمتـلّـي منـاديـب
وسقنا عليهم زمل غـوش كرامـي
وزغرت بتالي الزمل بيض الرعابيب
إليا وردة الحدبا على النجر زامـي
ملح ٍ يورّث بالقوايـم مـن العيـب
واللي محاضينـن سناهـا عمامـي
تخصب بهم بقع النسور المحاديـب
كـل ٍ يـرّد لصيـرم ٍ بالحـزامـي
ويركض على حوض المنيّه إليا هيب
وحل القبل واقبل سـواد الجهامـي
بعنا البعيـد اللـي ورانـا بتقريـب
وتنابـن النـزرات بيـن الجهامـي
يما وقع به مرزق الضبـع والذيـب
ياما وطينا الضد وطـي الخدامـي
غصبٍ وطيناهم كما نعلة الهيـب
والشيـخ بـدّل هدّتـه بإنهزامـي
عقب القتب (نوتٍ) تلاح المصاليـب
وابـن مريخـان  تعدى الردامـي
من فعل ربعي منحزيـن الاجانيـب
جبنا شـذى حشوانهـم والجهامـي
مع حلّة اليديـان هـم والمغاصيـب
كلّـه لعينـي فــرّع بالحـزامـي
يشرفن واللي طايـحٍ يمّهـن جيـب
يدنّـه القبـر الطويـل الهـدامـي
وزاغت قلوب محصّنات الرعابيـب
يا ابو ريوف القلب طبه هيامـي
متقرنس غادي سواده مـن الشيـب
على اللـذي منّـا تحيـزم وقامـي
ومن طيحته مع ايمن الربع ماجيـب
ماوادعـن بأيّـام فرقى الولامــي
الصبر يالاجواد هو شـارة الطيـب
افرح اليا جاني الكرى فـي منامـي
وأيّس عدد ماتشرق الشمس وتغيب
مار ياغوش ياركّاب هجـنٍ همامـي
منوة غريب الدار حرش العراقيـب
ايّاكـم اللـي فاهمـن فـي كلامـي
يـدّي كلامـن مادمرتـه بتكذيـب
وين أنت ياخـو نـوف يـوم الزحامـي
يوم الدخن غادي علينا تقل سيـب
غدابـك اللـي كـل حكيـه بيامـي
جار لهم تدعى على الزاد وتجيـب
كان انت مطلوب وعليكـم تهامـي
إلحق وندّي عنـك كـل المطاليـب




قوطر للجزيرة ونامي : الجرباء
مسلط : هو مسلط التمياط
زبن : شريهي من أقارب مبيريك
أبو ريوف : مفتاح الغيثي
اخو نوف : الدوح من شيوخ الحسين
حد أبارق عصفر : موقع قريب من السبعان
محاضين سناها عمامي : الدغيرات
اليديان : الأيداء من شيوخ قبيلة عنزة